Widget 1

Optional widget here

الكشف عن مقابر جماعية في سيناء يورط السلطات المصرية في ارتكاب جرائم حرب

أدلة جديدة تُظهر عمليات قتل واسعة النطاق خارج نطاق القانون بحق مدنيين

فيما تتقدم مصر بأوراق ترشحها لعضوية مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة؛ ظهرت أدلة دامغة تُشير إلى تورط الحكومة المصرية وجيشها في ارتكاب جرائم حرب وجرائم محتملة ضد الإنسانية. وفي رسالة إلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمفوض السامي لحقوق الإنسان بتاريخ 22 سبتمبر، دعت منظمات حقوقية مصرية الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق فوري في انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة، بما في ذلك عمليات القتل خارج نطاق القانون في سيناء، كما دعت الدول إلى معارضة عضوية مصر في مجلس حقوق الإنسان.

يقول أحمد سالم، المدير التنفيذي لمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان «بينما تواصل إسرائيل ارتكاب جريمة إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني في غزة من خلال المجازر والتطهير العرقي والتهجير القسري، ندرك نحن سكان سيناء جيدًا الثمن الإنساني الباهظ للتهجير القسري والجرائم التي ترعاها الدول. فقد تم اقتلاع أكثر من 150 ألف سيناوي من أرضه في إطار ما يسمى بحملات مكافحة الإرهاب التي ينفذها النظام المصري، واختُطف الآلاف وتعرضوا للتعذيب والإعدام الميداني. فإذا كان القانون الإنساني الدولي يعني أي شيء؛ فعلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان أن يضمنوا العدالة للفلسطينيين، ولشعب سيناء، ولكافة ضحايا الفظائع في كل مكان»

كشفت تحقيقات مفصلة لمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، تتضمن أدلة حللتها منظمة «Forensic Architecture»، عن مقابر جماعية تضم رفات بشرية. هذه المقابر تشير إلى عمليات قتل خارج نطاق القانون واسعة النطاق بحق المدنيين والسكان المحليين (البدو) في شبه جزيرة سيناء. وذلك خلال النزاع المسلح غير الدولي الممتد لعقد كامل بين عامي 2013 و2022. كما تُظهِر الزيارات الميدانية وصور الأقمار الصناعية للمواقع وشهادات شهود العيان، بما في ذلك أعضاء سابقين في “الميليشيات القبلية” التابعة لقوات الأمن المصرية، ما يبدو أنه ممارسة منهجية تبدأ بالإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي، ثم عمليات تعذيب ممنهجة، وتنتهي بقتل المعتقلين خارج نطاق القانون.

وفيما سيقدم المدير التنفيذي لمؤسسة سيناء بيانه أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بشأن هذه المسألة في 23 سبتمبر الجاري، طالبت رسالة بعثتها منظمات حقوقية مصرية إلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بضرورة إجراء تحقيق في المجلس بشأن الأدلة القوية المتوفرة حتى الآن. كما طالبت المنظمات الدول الأعضاء بالتصويت ضد حصول مصر على عضوية مجلس حقوق الإنسان في انتخابات الجمعية العامة، المقرر انعقادها في منتصف أكتوبر المقبل.

يقول جيريمي سميث، مدير مكتب جنيف بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: «الأدلة القوية المتوفرة حتى الآن تحتم استبعاد مصر تلقائيًا من عضوية المجلس وحرمانها من حق التصويت فيه».

تمثل التحقيقات التي أجرتها مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان ومنظمة «Forensic Architecture» المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن مقابر جماعية من هذا النوع وتوثيقها بشكل شامل في مصر. فرغم الظروف الأمنية بالغة الخطورة، ولأغراض فحص الموقع والتحقق؛ أجرى فريق عمل المؤسسة زيارتين ميدانيتين لموقع المقبرة الجماعية. وخلال هاتين الزيارتين، نفذ الفريق عملية توثيق، تضمنت التقاط عدد كبير من الصور عالية الدقة، وجمع أدلة جنائية، وإجراء تفتيش سطحي لرفات بشرية كانت مرئية فوق الأرض. كما أجرى الفريق عمليات حفر سطحية باستخدام أدوات يدوية بسيطة، الأمر الذي كشف عن وجود عشرات الجثث تحت طبقات سطحية من التربة، ما يعكس بدوره نمط دفن متسرع ومتكرر وغير منظم.

في وقت لاحق، أجرت منظمة «Forensic Architecture» تحليلًا للصور الميدانية باستخدام تقنيات متقدمة لتحليل الصور، فضلا عن فحص صور الأقمار الصناعية الأرشيفية والحديثة التي تغطي مراحل مختلفة من الحرب في شمال سيناء. وقد أتاح دمج روايات شهود العيان والأدلة الميدانية وتحليل الاستشعار عن بعد التوصل إلى استنتاجات مدعومة فنيًا بشأن طبيعة الأنشطة التي جرت داخل وحول المقبرة الجماعية على مر السنوات، والتي تؤكد تورطًا عسكريًا مباشرًا.

على مدى سنوات، وثّقت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان ومنظمات حقوقية أخرى، من بينها هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، عشرات الحالات من القتل خارج نطاق القانون على يد قوات الجيش والشرطة المصرية بحق معتقلين، بينهم أطفال في سيناء. وفيما تواصل السلطات ادعاءاتها بأن هؤلاء الضحايا قُتلوا أثناء «تبادل لإطلاق النار»؛ فإن هذه الادعاءات دُحضت في مناسبات متعددة.

فمن بين أبرز الحوادث الموثقة، واقعة مقتل 10 شبان في العريش في يناير 2017. فبعدما أصدرت وزارة الداخلية مقطع فيديو ادعت فيه مقتلهم أثناء مداهمة «وكر إرهابي»، كشف تحليلًا لاحقًا أجرته هيومن رايتس ووتش عن تعديل في الفيديو. فيما أكد السكان أن 6 أشخاص منهم على الأقل كانوا قد اعتُقلوا واختفوا قسرًا في وقت سابق. وفي حادثة أخرى، أظهر مقطع فيديو مُسرّب في أبريل 2017 جنودًا مصريين وهم يقتلون معتقلين غير مسلحين، قبلما يتم تعديل أوضاع الجثث في الفيديو لتبدو وكأن القتلى سقطوا في اشتباك مسلح، مما كشف بشكل أوضح عن الجهود الرسمية للتستر على عمليات القتل غير القانونية.

لأكثر من عقد، حذرت منظمات المجتمع المدني المصرية، ومن بينها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومؤسسة سيناء، من أن الحكومة المصرية تشن «حربًا على الشعب بذريعة مكافحة الإرهاب». وتؤكد الجرائم التي تم ولا يزال يتم الكشف عنها في سيناء مدى الحاجة إلى دعم سيادة القانون وضمان المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة المرتكبة في جميع أنحاء مصر بدعوى مكافحة الإرهاب.

المنظمات الموقعة:

  • مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان
  • مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
  • المفوضية المصرية للحقوق والحربات
  • مركز النديم
  • لجنة العدالة
  • منصة اللاجئين في مصر
  • المنبر المصري لحقوق الإنسان
  • الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
  • إيجيبت وايد لحقوق الإنسان