Skip to content

تقرير لـ”كوميتي فور جستس” حول محكمة أمن الدولة طوارئ.. وغل يد العدالة في مصر

أقل من دقيقة مدة القراءة: دقائق

قالت مؤسسة “كوميتي فور جستس” إن النظام القضائي المصري الحديث عرف المحاكم الاستثنائية منذ عام 1952، بالتزامن مع حكم الضباط الأحرار، الذي استحدث القضاء السياسي في أبرز نماذجه كمحكمة الغدر، ومحكمة الثورة، مشيرة إلى أنه سرعان ما تم تقرير هذا النوع من القضاء لإحكام القبضة الأمنية على المعارضين، فتم تقرير دستورية محاكم أمن الدولة العليا في 1971، لتصير جزءًا لا يتجزأ من النظام القضائي العادي.
جاء ذلك من خلال التقرير الموضوعي الثاني لفريق مراقبة المحاكمات بالمؤسسة (نوفمبر 2021)، والذي حمل عنوان “يد العدالة مغلولة: محكمة أمن الدولة العليا طوارئ”، والذي ركز على محكمة أمن الدولة ونشأتها وأنواعها وتشكيلها، وتوضيح اختصاصاتها وموقف المحكمة الدستورية منها، ومدى التزامها معايير المحاكمة العادلة، وشهادات لبعض المحاميين المزاولين أعمالهم أمامها، وتحليل أثر إلغاء حال الطوارئ على عمل المحكمة، وصولاً لبيان مدى فعالية هذا القرار في ظل الأطر القانونية والمؤسسية القائمة في مصر منذ 2017.
وأشار التقرير إلى أنه رغم كون محكمة أمن الدولة محكمة موقوتة بحالة الطوارئ، إلا أن الأنظمة السياسية المصرية المتعاقبة استغلت الأوضاع السياسية لتعلن حالة الطوارئ بشكل شبه دائم، ما جعل تلك المحكمة منعقدة، ومَثُلَ أمامها الآلاف، بعضهم نُفذ فيه أحكام بالإعدام، وبعضهم من قضي عمره خلف الأسوار، ما أدى بالمحكمة أن صارت مرادفًا لتقويض استقلال المنظومة القضائية بمصر، وللبطش بحقوق المتهمين والمجني عليهم.
كما تطرق التقرير إلى أنواع المحكمة (محاكم أمن الدولة الجزئية، ومحاكم أمن الدولة عليا)، وتشكيلها الذي أفرد قانون الطوارئ نصوصًا له، حيث يتنوع تشكيلها بين (محاكم تشكل من قضاة مدنيين، ومحاكم تشكل من قضاة مدنيين ورجال عسكريين، ومحاكم تشكل من رجال عسكريين بصفة دائمة).

وذكر التقرير التوسع في اختصاصات محاكم أمن الدولة في عهد الرؤساء المتعاقبين على مصر منذ عام 1958، وأن هذا قد تم عبر قرارات رئاسية أو قرارات صادرة من الحاكم العسكري أو من رئيس الوزراء، وبموجبها تمت محاكمة النشطاء السياسيين والصحفيين والمعارضة السياسية أمام هذه المحاكم بقصد التنكيل بهم وقمعهم.
أما بالنسبة لموقف المحكمة الدستورية من محاكم أمن الدولة؛ باعتبارها الرقيبة على دستورية القوانين واللوائح، وتفسير النصوص التشريعية، والفصل في المنازعات المتعلقة بشئون أعضائها، وفي تنازع الاختصاص بين جهات القضاء في مصر، فرأى التقرير أن المحكمة الدستورية لم تزل الظهير القضائي للأنظمة السياسية، من خلال التباطؤ في الفصل في مدي دستورية وشرعية محكمة أمن الدولة طوارئ؛ حيث يستغرق الطعن الواحد عقودًا حتى يفصل في مدى دستورية بند من نص مادة في قانون الطوارئ 162/1958، ما يعني تلاشي حقوق الضحايا والمتهمين في القضايا المرفوعة بموجب هذا القانون لتأخر الفصل في طعونهم لعقود مديدة.
وبشأن أوجه الاخلال بضمانات المحاكمة العادلة بالنسبة لمحاكم أمن الدولة، فقد أفرد التقرير صفحات عدة ليبرز أهم الحقوق المهدرة للمتهمين أمام تلك المحاكم، والتي من أهمها؛ حرمان المتهم من المثول أمام قاضيه الطبيعي، وحظر الادعاء المدني أمام محكمة أمن الدولة، وأخطرها عدم جواز الطعن على أحكام محكمة أمن الدولة طوارئ والاكتفاء بتقديم المدعي عليه طلب التماس إعادة النظر في الحكم ورفعه إلى رئيس الجمهورية لما له من سلطات تجاه الحكم، وتطبيق قرارات المحكمة بأثر رجعي، وعدوان ذلك النوع من المحاكمات علي استقلال القضاء.

كما سرد التقرير شهادات لبعض المحامين أمام محكمة أمن الدولة طوارئ، لافتًا إلى أن تلك الشهادات أفادت بتقصير قضاة محاكم أمن الدولة طوارئ في مراجعة بنود القانون، والتحقيق في التهم المحالة من نيابات أمن الدولة، كذلك من مراجعة نصوص الأحكام في بعض القضايا محل التحليل، لوحظ تكرر الأحكام باختلاف المتهمين بناء على حيثيات واتهامات متطابقة الشكل والمعنى وتعتمد مصدرها الأساسي التحريات الأمنية، وتقرر نفس العقوبات دون تمييز أو تحقيق في صدق وقوع الاتهامات.
كذلك حاول التقرير الإجابة عن تساؤل حول ماذا بعد التوقف عن إحالة قضايا جديدة لمحاكم أمن الدولة الطوارئ بعد إلغاء قانون الطوارئ؟ مؤكدًا على أن وجود ذلك النوع من المحاكمات لم يكن ضروريًا من البداية؛ وذلك لاحتواء البنية العقابية على حزمة قوانين كقانون العقوبات وقانون الأحكام العسكرية، كما أن المنظومة القضائية في مصر قادرة على تحقيق الردع العام والوصول للحقيقة من خلال محاكمات عادلة.
ورغم أهمية توقف إحالة القضايا لمحاكم أمن الدولة، فقد قلل التقرير من أثر تلك الخطوة لسببين: الأول، أن هناك العديد من القضايا التي تم إحالتها بالفعل ما يعني الاستمرار في انتهاك حقوق المتهمين ومعايير المحاكمة العادلة. وثانيًا، أن النظام المصري يصر على توظيف المحاكمات الاستثنائية وتشريع القوانين التعسفية لصالحه، فقد ترافق مع إعلان إلغاء قانون الطوارئ، موافقة البرلمان المصري على مقترح الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 136 لسنة 2014، في شأن تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية.
وشدد التقرير في خاتمته على أن إلغاء عمل محاكم أمن الدولة طوارئ بانتهاء سريان حالة الطوارئ لن يكون له أثر جوهري على أوضاع الحقوق والحريات في مصر، بل إنه لا يعدو إجراءً شكليًا تم تقنين بنوده وترسيخها في منظومتي القضاء المدني والعسكري.

لمزيد من المعلومات والطلبات الإعلامية أو الاستفسارات، يرجى التواصل معنا
(0041229403538 / media@cfjustice.org)

آخر الأخبار

اشترك في نشرتنا الإخبارية!

كن أول من يحصل على أحدث منشوراتنا